تغطـيــــة الشبكة العربية لمطوري الألعاب
مؤتمر تقنيات إنتاج الرسم الرقمي المتقدمة - أدابت 2008
Advanced Digital Art Production Techniques - ADAPT 2008
الموقع : Pepsi Forum - Montreal - Canada
والت ديزني: بناء هامستر اسمه راينو
هذه المحاضرة هي أولى الكلمات الافتتاحية في مؤتمر أدابت، وهو سبب إضافي لجعل الحضور يحتشدون لمشاهدتها. السبب الأصلي طبعاً كما لا يخفى على عقل القارئ الفطن، هو أن هذه المحاضرة تقدمها أعتق شركات التحريك في العالم.. والت ديزني.
المحاضرون الثلاثة هم:
- كلاي كايتيس: يعمل في التحريك، من أعماله فلم فانتازيا 2000 (Fantasia 2000).
- فيليب بروشو: نمذجة وبناء مجسمات.
- هيداي يوسومي: هيكلة الشخصيات (Character Technical Director)، وله تاريخ في العمل بشركات سكوير إنيكس (Square Enix)، باندا، وأخيراً ديزني...
بهذا الثلاثي المميز بدأت المحاضرة، وكانت أولى المشاهد هي لقطات من فلم بولت (Bolt)، فاستنتجنا بذكاء ويقظة نادرَيْن أن موضوع المحاضرة سيكون عن فيلم بولت. ويبدو أننا قد كنا أذكياء فعلاً! فالمحاضرة هي عن العمليات والتحديات التقنية التي واجهوها أثناء تنفيذ مشروع فيلم بولت، وبالتحديد في شخصية الهامستر (الهامستر هو حيوان قارض) المدعو راينو.
الآن وقد اقتنعتم بأننا أذكياء، فلنبدأ...
لقد بدأ العمل في المشروع منذ فترة لا بأس بها، وقد واجه الفريق بعض الصعوبات أثناء العمل بسبب المتطلبات الفريدة لهذا المشروع، مما اضطرهم في أحد المراحل إلى التوقف ومراجعة خط العمل للتكيف مع الوضع الفعلي. سنتحدث في المحاضرة عن هذه الخبرة، وسيدور الحديث على ثلاثة محاور رئيسية، وهي:
- التغييرات في خط العمل.
- إعادة تصميم وهيكلة الشخصيات الموجودة.
- بحث وتطوير نظام جديد للأشكال التصحيحية.
عندما تريد تم تقرير شخصية راينو الهامستر، برزت للفريق بضعة تحديات تقنية... وهي:
- الهامستر كحيوان يعتبر رباعي الأرجل، أي أنه يسير ويجري على أربع.
- إلا أنه في نفس الوقت يتصرف كالبشر عندما يتوقف على قدميه الخلفيتين ويبدأ بالحديث.
- إنه سمين ومغطى بالفرو.
- يجلس في كرة هامستر (لا أدري ما وجه التحدي هنا بالضبط، لكن يبدو أن الأمر صعب).
في المرحلة الأولى من العمل تم تنفيذ الشخصية بطريقة كلاسيكية، وقد وجدنا الآتي:
إن دعم الحيوانات رباعية الأرجل في الهيكل (rig) يتسبب بزيادة تعقيد العمل للحركات ثنائية الأرجل.
بسبب حركات الرقبة والأرجل الواسعة، فقد برزت مشاكل عدة في التلبيس (skinning). مما اضطرهم إلى استخدام مجموعة من الأدوات التصحيحية.
لكن في نفس الوقت، فإن كل أداة تصحيحية تبطئ من الأداء.
وفي النهاية، فإن صعوبة التوضيع (posing) أثرت سلباً على الحرية في التحريك، فظهرت الحركات وكأنها مقيدة نوعاً ما وغير متحررة.
هنا توقف الفريق، وقرروا إعادة النظر في العملية ككل. فطلبوا من مصممي الشخصية إعطاؤهم لقطات توضع (poses) تمثل الحالات والأوضاع القصوى التي يودون أن تستطيع الشخصية أن تؤديها. ومن ثم واعتماداً على هذه الوضعيات كمرجع، يتم تحليل المتطلبات ومعالجة الوضع الحالي ليحققها.
تدعى هذه العملية في أروقة ديزني بالـ "بالوزا" (Palooza)، وهي تمثل فزعة سريعة لاستدراك وضع حرج، ويعمل بها عدة أشخاص من اختصاصات متعددة لحل الأزمة. وقد استغرقت عملية التصليح حوالي شهر، وكانت قرب عطلة الكريسماس. كان من جرائها أن عاد الرسامون في السنة الجديدة على هيكل (rig) جديد مرن وسريع.
عند النظر في الطريقة السابقة في العمل بالمشروع، فإنها كانت كالآتي:
نمذجة -> هيكلة -> تحريك -> تعديل الهيكل -> تحريك -> تعديل الهيكل -> تحريك -> ... الخ
وفي كل خطوة من الخطوات أعلاه، يجب أن تؤخذ الموافقة من الشخص المسؤول. مما يعني أن أي تعديل لاحق في النمذجة، فإنه يؤثر على بقية المراحل، وبالتالي يتطلب موافقات من الجهات الثلاثة جميعاً...
السبب الرئيسي في هذا الفصل هو أن العاملين ليسوا على اتصال دائم فيما بينهم، وذلك لكبر عددهم نسبياً. إذن الحل يكمن في هذه النقطة... وبالتالي، يمكننا اقتراح طريقة عمل جديدة تعمل كالآتي:
فريق صغير مخصص لكل شخصية (نمذجة، هيكلة، وتحريك) يعملون على تلك الشخصية فقط وبتركيز كامل. وهكذا تصبح الصلة فيما بينهم مستمرة وتقع ضمن حلقة دائرية توفر الوقت للحصول على الموافقات وما إلى ذلك...
أما الآن وقد أصبح الوضع متحرراً أكثر، فقد قرر الفريق حذف الهيكل القديم للشخصية والبدء بواحد آخر جديد تماماً، لكن طبعاً مع الحفاظ على الأمور الأساسية وعدم تغييرها. إذن فالقيود المفروضة هي:
- الهيكل رباعي الأرجل في الأساس... هذا الجزء لا يجب لمسه أو تعديله.
- هيكل موحد، فلا يسمح باستخدام هيكل منفصل/مستقل آخر (هيكل ثنائي الأرجل وآخر رباعي الأرجل).
- هيكل الوجه مبني بالفعل، ويجب الحفاظ عليه (هو منفصل عن الجسم في الأساس، لذلك لا مشكلة هنا).
بعد العمل لفترة، تم التوصل إلى الهيكل الجديد، والذي يمكن اعتباره هيكلاً رباعياً/ثنائياً هجيناً. له القدرة على الانتقال الناعم من الركض على أربع، إلى الوقوف على اثنتين. ولكل من هاتين الحالتين أوزان تلبيس مختلفة (skinning weights)، مما يساعد على التخلص من العيوب التي تظهر بسبب الاختلاف الكبير بين الوضعيتين (الوقوف والجري على أربع). ويتم الدمج بين مجموعتي الأوزان بنفس منطق تحوير المجسمات (blend shapes or morphs).
إضافة إلى ذلك، فقد تم دعم نظام خاص لتصحيح التلبيس في حالة الحركات القصوى، وهذا ما سنتحدث عنه بالتفصيل الآن. بالرغم من أن الهيكل الحالي والتلبيس يأخذان بعين الاعتبار زاويا التفاف وحركات قصوى للشخصية، إلا أنه ما تزال هناك تشوهات تظهر أثناء أداء الحركات، ويجب طبعاً معالجتها... فبعض الوضعيات القاسية ببساطة لا يمكن حلها إلا بتعديل المجسم في تلك اللحظة من الحركة. وهكذا، تم تطوير ما يدعى نظام الأشكال التصحيحية (Pose Shape Deformer)، أو اختصاراً PSD...
مع هذا النظام، ببساطة كل ما عليك فعله هو تلبيس الشخصية، ومن ثم تحريكها، ومن ثم إضافة بعض التصحيحات الخاصة فقط بتلك الوضعية، ومن ثم متابعة التحريك، وهكذا. ويتم دمج تلك التصحيحات بناءً على قياسات الزوايا بين العظام أثناء الحركة.
كل هذا الكلام جميل، لكن ركزوا معي على النقطة الأخيرة، والتي توضح أن التصحيحات مرتبطة بقياسات الزوايا بين العظام. إلا أنه في الحقيقة فإن المحركين في ديزني يستخدمون كافة درجات الحرية على العظام في التحريك، متضمنة التحجيم الغير متجانس (non-uniform scale). وتحريك قنوات التحجيم طبعاً لا تغير زوايا العظام، لكن الجلد ينتفخ أو يتقلص، مما يتسبب بتشوهات مرة أخرى... وهكذا فإننا بحاجة إلى ربط الأشكال التصحيحية بشيء ما آخر غير الزوايا بين العظام، كي نستطيع دعم كافة قنوات التحريك دون مشاكل.
الحل البديل هو تعديل الفكرة لتصبح بالنسبة لعلاقة العظام مع بعضها بدلاً من نسبة الفتل بين عظمتين (Mesh based distance locator). كلام جميل، إلا أنه غير مدعوم في برنامج مايا (البرنامج المستخدم في المشروع)، لذلك فقد تم تعديل حسابات مايا لتوافق النظرية الجديدة.
من الجدير بالذكر أن مثل هذه الحسابات موجودة في برنامج Softimage|XSI بالفعل، ولذلك فإن همام البهنسي لم يستطع تمالك نفسه من أن يصف ما تم ذكره بالمهزلة.
في النهاية نذكر أن جميع هذه التعديلات استغرقت تقريباً شهر ونصف، وقد عمل عليها ما مجموعه ثماني أشخاص: ثلاثة منهم منمذجين، وثلاثة آخرون محركين، والاثنين البقية لهيكلة الشخصيات.
هذه هي أحداث هذه المحاضرة باختصار غير مخل، ونراكم في محاضرة أخرى...
-- تمت --