المقالات العلمية

مقالات الشبكة العربية لمطوري الألعاب

مؤتمر صناعة الألعاب العالمي في مونتريال–2007-الجزء الثاني

تغطـيــــة الشبكة العربية لمطوري الألعاب

مؤتمر صناعة الألعاب العالمي في مونتريال - 2007

Montreal  International  Game  Summit - 2007


إعداد : وسام البهنسي
wbahnassi@inframez.com

مقدمة الجزء الثاني

يوم جديد ومعلومات جديدة. أهلاً بكم ثانية في بقية تغطيتنا لمؤتمر الألعاب في مونتريال. على طريقة قنوات التلفزيون، نبدأ بحالة الطقس. حالة الطقس اليوم غائمة مع رذاذ ثلجي خفيف. درجات الحرارة تتراوح بين 10 تحت الصفر و 15 تحت الصفر مع رياح سريعة نسبياً تجعل الأمور أسوأ. برررر... لن يكون اليوم أفضل الأيام للذهاب مشياً إلى المؤتمر.


الساعة الآن الحادية عشرة صباحاً. اتفقت مع زميلي روك على الذهاب سويةً، وقد اقترح هو الذهاب عن طريق شبكة الأنفاق تحت الأرض. شخصياً لم أكن أعلم أن بناء المؤتمر متصل بالشركة من تحت الأرض. وهكذا تركت معطفي الثقيل الذي يجعلني أظهر أكثر خطورة، وغطاء الرأس الصوفي الذي يحول هذه الخطورة إلى مشهد عديم الهيبة، وانطلقت مع روك في رحلة عبر الأنفاق الأرضية المتشعبة. الممرات طويلة ومليئة بالأنوار المصفوفة على جانبيها، ويختلف مظهر الممر عند اجتيازك لكل بوابة، مما جعلني أحس بأنني أقود جريندايزر عبر أحد ممراته السرية تحت الأرض للخروج وتنفيذ المهمة. بوابة أخرى.. هفف. ترددت موسيقى الانطلاق لجريندايزر في مخيلتي فحاولت أن أطردها بسؤال روك عن الكيفية التي اكتشف بها كل هذه الممرات.

أوه إن جامعتي كانت في هذه المنطقة، وقد كنت أصرف وقتي في استكشاف المكان عندما أهرب من المحاضرات... أنت تعرف ما أعني...

نعم نعم، وإن لم تكن هذه فكرتي الخاصة عن تزجية الوقت.

سأختصر الجزء عندما ضعنا بين الممرات ولم نعد نعرف كيف نخرج، وأقفز إلى اللحظة التي وصلنا فيها إلى المؤتمر وأنا أصارح روك برأيي به كدليل سياحي.

 

***

 

المحاضرة الثانية (تقنيات برمجية): دوج بينكز (Doug Binks):

Ambient Interactivity: Creating a Realistic and Interactive Real Time World

دوج بريطاني انتقل مؤخراً إلى العمل في كرايتك Crytek منذ خمسة أشهر فقط، حيث يترأس فريق الأبحاث والتطوير R&D لمحرك CryEngine2 المستخدم للعبة Crysis التي تم طرحها مؤخراً. قبل ذلك كان دوج يعمل في المجال الأكاديمي في الحسابات الفيزيائية لسفينة فضائية متوجهة إلى المريخ، إلا أنه عَدَل عن ذلك لأنها عملية تستغرق الكثير من الوقت، فانتقل إلى مجال لا يقل إثارة وهو تطوير الألعاب، واختص ببرمجتها.

 

في لحظة اعتداد بالنفس، يقف دوج ليشرح بعض المزايا المتقدمة في محرك CryEngine2
في لحظة اعتداد بالنفس، يقف دوج ليشرح بعض المزايا المتقدمة في محرك CryEngine2


موضوع المحاضرة هو الحديث عن التقنيات الموجودة في Crysis وليس عن تصميم اللعبة نفسها. أحد أهداف التصميم لمحرك CryEngine2 هو تبسيط العملية على الرسامين، وربط مكونات العالم مع بعضها البعض لتكون متجانسة. هذه العملية تتم من خلال الاهتمام بتفاصيل صغيرة سيتم سردها.


الجزء الأول هو المطر. أول نقطة يجب الانتباه لها عند تنفيذ المطر هو أنه يجب ألا يظهر في الأما��ن المغطاة كالبيوت مثلاً، وفي هذا هم يستخدمون حسابات الرؤية الاعتيادية لتحديد إمكانية رؤية المطر في مكان معين، يلي ذلك اصطدام القطرات بالسطوح (حتى القابلة للتحطيم منها). لربط التأثير مع العالم أكثر، يتم إضافة طبقة ابتلال تـُظهِر الماء وهو يسيل على السطوح المكشوفة للمطر. الحيلة بسيطة جداً تتم بإضافة طبقة إكساء متحركة على المضلعات المطلوبة.


الجزء الثاني هو الرياح. في CryEngine2 الرياح نوعان. النوع الأول هو الرياح ذات الاتجاه العام (غربية مثلاً). النوع الثاني هو الرياح المركزية كالأعاصير. كلاهما يؤثر في الجزيئات particles والمطر والانفجارات والنبات في اللعبة.

 

جميع النباتات في اللعبة تتأثر بالرياح. الضوء الساطع في الأسفل هو مصدر هواء متحرك
جميع النباتات في اللعبة تتأثر بالرياح. الضوء الساطع في الأسفل هو مصدر هواء متحرك


الجزء الثالث هو النبات. يتم معالجة كل غصن أو نصل في النبتة بشكل مستقل. جزء من الحسابات يتم على المعالج CPU والجزء الآخر يتم على معالج الرسوميات GPU. القوى تعمل على مستويين: النبتة ككل، وعلى مستوى كل ورقة بشكل مستقل. يتم استخدام معامل تحوير deformation موزع على جسم النبتة بحيث يعطيها شدة عند قاعدتها وخفة وزن عند قمتها وأطرافها. عمليات التحوير المستخدمة هي عمليات فتل وليس قص (ذكر دوج طريقة لتنفيذ هذه العملية على الـ GPU بدون استخدام التوابع المثلثية، لكني أترك السؤال عنها للمهتمين). خواص الشدة يتم حفظها في النبتة عند كل نقطة vertex في القنوات اللونية الثلاث.

 

خصائص حركة الأشجار محفوظة كقيم لونية على كل نقطة في الشجرة
خصائص حركة الأشجار محفوظة كقيم لونية على كل نقطة في الشجرة
  للحصول على غصن مكسور، يتم طرح الغصن من مجسم تحطم كما يظهر على اليسار
للحصول على غصن مكسور، يتم طرح الغصن من مجسم "تحطم" كما يظهر على اليسار


في لعبة Crysis يمكن لللاعب اختراق الأدغال وسيرى عندها الأغصان تدفع أمامه ثم ترتد عندما يبتعد عنها، أو تنكسر إن ثنيت بشكل كبير. لهذه العملية تستخدم حسابات فيزيائية لمماثلة الحبال. كشف التصادم يتم بين نقاط الحبل والكبسولة المحيطة باللاعب والتي يتم التلاعب بها قليلاً لتظهر الأغصان وهي تـُدفـَع جانباً أمام اللاعب. هذه العملية تتم فقط على الأغصان المرئية لتحسين الأداء.


عند تحطم الغصن، يتم فك الحبل من نقطة الكسر وجعل طوله صفراً، ثم يتم طرح مجسم الغصن من مجسم انكسار (انظر الصورة) لينتج لدينا غصناً جديداً ينفصل عن الغصن الأساسي.

 

المجسمات المحيطة باللاعب والأشجار تستخدم لكشف التصادم ودفع الأغصان
المجسمات المحيطة باللاعب والأشجار تستخدم لكشف التصادم ودفع الأغصان


الجزء الرابع والأخير هو الحيوانات الصغيرة التي تتجول في العالم. يسمونها boids ولا يعلم هو لماذا (أعتقد أن الاسم مأخوذ من أحد أمثلة Direct3D القديمة والتي تقوم بنفس عملية الـ flocking التي يتحدث عنها دوج). الحيوانات تشمل الدجاج، الضفادع، العصافير، السلاحف، سلطعانات، العصافير، وحتى السمك. لكل حيوان حركتين فقط: مشي ووقوف، مع كشف تصادم بسيط. الحيوانات تتحرك مع بعضها بشكل عشوائي حول مركز معين، مع دعم نقطة تخويف تجعل الحيوانات تهرب من بقعة ما (مثلاً عندما يقترب منها اللاعب أو الرصاص). هيكل الحركة للحيوانات بسيط (برأيه، لكن برأيي أنه يجب أن يكون أكثر بساطة).

 

تستخف بعقل دجاجة؟ لا أعتقد أنه يمكننا القول أن الدجاجة بسيطة عندما نعلم أن لها 14 عظمة للتحريك على الأقل
تستخف بعقل دجاجة؟ لا أعتقد أنه يمكننا القول أن الدجاجة "بسيطة" عندما نعلم أن لها 14 عظمة للتحريك على الأقل


بعد هذا انتقل دوج إلى الحديث عن بعض الحقائق عن أداء المحرك، مثلاً عندما يتم تشغيل اللعبة بكامل إمكانياتها فإن المحرك يقارب على استهلاك كامل عناوين الذاكرة المتاحة (4 جيجابايت). ذكر دوج أنه بينما أن اللعبة تسعى لمماثلة الواقعية بشكل كبير، إلا أنها تهدف فقط لجعل اللاعب يحس بأنه موجود في أرض المعركة، وليس الهدف مماثلة أرض الواقع فعلاً (يحاول بذلك إبعاد تهم تشجيع العنف في لعبتهم). في النهاية يدعونا لزيارة موقع crymod.com للتعرف على مرونة المحرك وكيف يستخدمه الهواة لتوسيع اللعبة.


من الجدير بالذكر أن زميلي في العمل جرب اللعبة على جهازه ذو المعالج رباعي النواة، وكرت الشاشة المزدوج SLI وذاكرة 4 جيجابايت، إلا أنه بالكاد استطاع اللعب بها في نمط عرض 768×1024 مع الحفاظ على 30 FPS عند تشغيل كامل مواصفاتها (تقريباً).

 

الكلمة المفتاحية (تقنيات برمجية): كريس هيكر (Chris Hecker):

Structure Vs. Style

ها نحن نعود مرة أخرى إلى محاضرة من تقديم كريس. إن لم تقرأ محاضرته في اليوم السابق فإنني أنصحك أن تفعل ذلك الآن لأنني لن أعيد تقديمه لك. اتخذت مقعدي بين الحضور وضبطت يدي إلى نمط سرعة الكتابة القصوى والخط الرديء.


ابتدأ كريس الحديث بالافتخار بمحاضرته السابقة ومديحها أنها كانت ممتعة ومليئة بالصور والحركات. الخبر السيء هو أن هذه المحاضرة ستخلو من كل محاسن المحاضرة السابقة! بعد أن تلقى الجمهور الصفعة (هذه طريقة كريس لإيقاظ عقول الحاضرين بعد وجبة الغداء) طرح كريس سؤالاً: أي التقنيات كان لها التأثير الأكبر على عالم الألعاب؟


الجواب هو المثلث المكسي textured 3D triangle. فإن هذين العنصرين مجتمعان يشكلان أمراً مختلفاً كلية. إن قوة المثلث تكمن في بساطته وصراحته، والتي تسمح للحاسوب بالتعامل معه بسهولة. كمثال، نستخدم المثلثات لبناء المجسمات، ولإيجاد الطرق navigation meshes، والتحقق من التصادمات وغير ذلك من استعمالات. الإكساء يعطي الرسام القدرة والحرية على التعبير عن الكثير من الأفكار. للمثلث المكسي العديد من درجات الحرية أو الأبعاد: رؤوس المثلث، وكل نقطة من الإكساء (التكسلات)، لذا فالعملية أعقد من مجرد data driving.

 

صدق أو لا تصدق. عالم Quake بأكمله مبني من مجموعة مثلثات مكسية فقط لا غير
صدق أو لا تصدق. عالم Quake بأكمله مبني من مجموعة مثلثات مكسية فقط لا غير


بعد هذه التقنية تأتي تقنية إكساء العظام skinned mesh. وجه الجمال في هذه التركيبة هو أن الحاسوب يتحكم فقط بالأجزاء المركزية للبنية (العظام) وبقية نقاط المجسم تتبعها بشكل طبيعي. لا داعي لمعالجة كل نقطة بشكل مختلف.


من التقنيات الجميلة أيضاً تقنية الموالفة الصوتية wavetable synthesis (تشكيل أصوات جديدة منغمة من مكتبة أصوات مسجلة). هذه التقنية التي تمكننا من توليد موسيقى بشكل ديناميكي.


جميع هذه الأمثلة السابقة تشترك في وجود بنية واضحة تعطي نتائج مختلفة بناءً على البيانات التي تدخل لها. بدلاً من أن نطلق عليها code و data، سنطلق عليها بنية structure وطراز style. البنية مفصولة عن الطراز. فبنفس البنية يمكنك إيصال أفكار ومشاعر مختلفة فقط عن طريق تغيير البيانات.


فلنأخذ مثالاً آخر. التحريك بلقط الحركة motion capture. إن البيانات القادمة من هذا النظام لا يمكن للإنسان الطبيعي أن يتعامل معها بطريقة تسمح له بتغيير طرازها. هذا وضع يوجد فيه طراز لكن لا يوجد بنية تتيح لك تغيير الطراز ليطابق أفكارك. وهكذا نرى الجهود والأبحاث التي تهدف إلى استنباط المعلومات من هذه البيانات والسماح بالتعامل معها ضمن بنية واضحة مرة أخرى، كمثال استنباط حلقة مشي من مقطع mocap لشخصية تتمشى لفترة معينة.


إذن المسألة سهلة طالما أنها معرفة رقمياً، أو معدودة بشكل يسمح بقياس التقدم فيها. الآن الألعاب هي حالة تشارك بين التقنية، والجماليات، والتفاعلية.. وضع ألف خط تحت كلمة تفاعلية هذه. هذه الجوانب تعتبر أيضاً ثلاث مشاكل قائمة لحلها يجب أن نفككها إلى بنية وطراز. ففي حالة التفاعلية، يجب وجود حلقة مستمرة العمل، مهمتها أخذ المدخلات من المستخدم، معالجتها وتحويلها إلى معلومات يتم إخراجها للمستخدم ثانيةً وهكذا بدون توقف. لا يمكنك تنفيذ هذه العملية إن لم تستطع تحديد بنية تقوم بعملية المعالجة هذه.


لكن ماذا بالنسبة للمشاعر والجمالية؟ الآن نحن نحتاج إلى إنسان في هذه الحلقة. هذا الإنسان يمكن أن يكون هو اللاعب نفسه. فلنأخذ بنية الخوارزميات. اللاعب سيطور خوارزمية لنفسه، ومن ثم ينفذها تماماً كالذكاء الاصطناعي AI المبني في اللعبة. ماذا عن البيانات (الطراز)؟ أيضاً يمكن للإنسان أن يولد هذه البيانات، يوضحها، يعرفها، بل ويحكمها (كما نفعل عندما ننشئ شخصيات في الـ Wii).

 

كريس يشرح أهمية فصل البنية عن الطراز لحل المشاكل التي تتضمن فناً في طياتها
كريس يشرح أهمية فصل البنية عن الطراز لحل المشاكل التي تتضمن فناً في طياتها


هذا ما يحدث في لعبة Spore. اللاعب يدخل في الحلقة التفاعلية للعبة.


نظرية كريس هي أن الحل الأمثل دائماً يكمن في تفكيك المشكلة إلى جزئين متجانسين من البيانات والمعالجة (أو بنية-طراز).


من هذه النظرية، يرى كريس أن أهم تقنية في عالم الألعاب كان يجب أن تكون الذكاء الصناعي AI بالدرجة الأولى، وهي المشكلة التي لم يستطع تفكيكها بعد إلى بنية-طراز.


مثلاً، في حالة الموالفة الصوتية فإن الصوت المسجل هو العينة sample. لكن ما هي العينة في حالة الذكاء الصناعي؟ هل هو script؟ هل هو شجرة قرارات finite state machine؟

ما هي البنية التي ستعالج هذه البيانات؟ روابط وصل بين شجرات FSM؟


هو لم يجد الحل بعد... فهل تجدوه أنتم؟

 

المحاضرة الثالثة (تقنيات برمجية): كريس ويليامز (Chris Williams):

An Update on Lucas Arts’ Next-Generation Technology

هذه المحاضرة هي مجرد تفاخر واستعراض عضلات لشركة Lucas Arts، إلا أنني أحب سماع أخبار الشركات دائماً ومعرفة توجهاتها. من حسن حظي أن هذا الكريس بطيء الكلام بعكس سابقه الذي تسبب لي بمرض انحلال غضاريف مفاصل اليد. بدأ صاحبنا بتعريف Lucas Arts كشركة نشر وتطوير تتخذ الخطوات العملية للقفز إلى عالم ألعاب الجيل القادم Next-gen (تعقيب: يقصد بهذا جهازي الـ Xbox360 والـ Playstation3). حيث أن اللعبة القادمة للشركة هي إنديانا جونز Indian Jones. وهو أمر متوقع طبعاً، فألعاب لوكاس آرتس لن تخرج عن نطاق حرب النجوم Star Wars وإنديانا جونز.

 

مصطلح Next-Generation هو بالفعل مصطلح قصير الأمد. لا أدري لم يصرون على استعماله حتى الآن
مصطلح Next-Generation هو بالفعل مصطلح قصير الأمد. لا أدري ��م يصرون على استعماله حتى الآن


بدأ كريس بسرد التقنيات التي قاموا بتطويرها داخلياً والمستخدمة في اللعبة القادمة. أولاها هي تقنية الدمى ragdoll التي تعمل تحت تحكم الذكاء الصناعي الذي يعي البيئة المحيطة ليعطي تصرفات منطقية وردود أفعال ذكية. يلي ذلك تقنية المواد الذرية الرقمية Digital Molecular Matter لمماثلة البيئة، والتي تتيح لهم إعطاء السطوح في البيئة خصائص فيزيائية بحتة تجعل هذه السطوح تتفاعل مع بعضها بشكل فيزيائي صحيح (تحطم وتشقق مثلاً). كمثال عرض لوحاً خشبياً يتم إطلاق الرصاص عليه، ورأينا كيف يتشقق بطريقة واقعية بحسب مكان الإصابة. نفس الشي بالنسبة للزجاج. هذه التقنية تعتمد على محرك الفيزياء الشهير هافوك Havok.


من هذه النقطة انتقل كريس للحديث عن نقلة نوعية في الشركة، حيث أنها فتحت باب التعاون وتبادل الخبرات مع شركة آي إل إم ILM أو Industrial Light & Magic إن لم تسمعوا عنها من قبل. عندما سمعتـُه يعلن هذا الخبر قلت في نفسي: نعيماً. وكأنه سمع ما دار بخلدي من أفكار، فقال: لهؤلاء الذين يتساءلون لم قمنا بهذه الخطوة الآن؟ الجواب هو أن التطور الذي حصل في أجهزة اللعب فتح لنا المجال للاستفادة بشكل فعال من أبحاث ILM، كما أن السيد جورج (يقصد جورج لوكاس George Lucas) يريد رؤية معاينات فورية لأفلامه previz بجودة عالية. إن ILM شركة كبيرة بـ 800 موظف تقريباً، منهم 350 فناناً، و20 منهم بدرجة الدكتوراه. افتتحت ILM في عام 1975 لبدء حرب النجوم (أعني الفلم طبعاً)، بالرغم من تقنياتهم وحقيقة أن لديهم حوالي 65 مبرمج، فإن هدفهم النهائي هو إنتاج صور للأفلام وليس تقنيات. لذلك فإن لكل شركة مزاياها وأهدافها. التعاون هدفه تنمية التأثير الإيجابي بين الشركتين لتحسين الأمور بشكل مشترك، وقد بدأ منذ فترة وجيزة فقط.


انتقل كريس بعد هذا إلى سرد تقنيات ILM وإمكانياتهم. فهم متمكنين من تشكيل أجسام غاية في التعقيد مع ما يتبع ذلك من عضلات وفرو، وذكر ديفي جونز Davy Jones كمثال لذلك. باختصار صور غاية في الواقعية (إن جاز لنا قول ذلك عن ديفي جونز). يلي ذلك تحريك تعابير الوجه، المماثلة simulation، المظللات shaders، حركة الملابس cloth simulation، الأجسام الرخوة soft bodies، والمؤثرات الخاصة والانفجارات. كما أنهم متقدمون في مجال الإضاءة، وذكر أنهم هم من ابتكر فكرة الـ ambient occlusion في عالم رسوميات الحاسوب.

 

كل هذا التعقيد في ذاكرة الحاسوب فقط. حركات الوجه يتم التقاطها من وجه ممثل حقيقي لأكثر قدر من الواقعية
كل هذا التعقيد في ذاكرة الحاسوب فقط. حركات الوجه يتم التقاطها من وجه ممثل حقيقي لأكثر قدر من "الواقعية"


التعاون بين الشركتين يتم عن طريق تبادل الموظفين والأدوات والتدريب. ففي حالة تبادل الأدوات، فإن ILM لديها برنامجها الخاص (يدعى زينو Zeno) ويستخدم لإنجاز الأفلام وإنشاء عوالم ثنائية الأبعاد وثلاثية الأبعاد، وهو برنامج متكامل له مخطط متقدم لإدارة المشهد scene graph وواجهات منظمة (للأسف لم أستطع التقاط صور للبرنامج لأن كريس طلب منا بشكل صريح عدم التقاط أي صور لتقنيات ILM لأنهم لا يريدون نشرها للعموم). بدأت لوكاس آرتس بأخذ زينو وبناء محرر مراحل Level Editor فيه، عن طريق إدراج نمط عمل جديد في زينو يدعى زد Zed. بعد ذلك قاموا بربط زينو مع أجهزة الكونسول عن طريق ما سموه ريموتو Remoto، وهذا يسمح للرسامين بمعايرة خصائص المشهد كالإضاءة والألوان ورؤية النتائج بشكل مباشر على شاشة التلفاز عن طريق محرك اللعبة الفعلي الذي يعمل على الإكس بوكس 360.


من ضمن مزايا زينو التي تم الاستفادة منها شجرة المظللات shader editor لتحرير المظللات الفورية، والتي جاءت مبنية أساساً من قبل ILM مع دعم معالج الرسوميات GPU بشكل طبيعي.


يملك زينو أيضاً ما يدعى Height Map Editor يستخدمونه لإضفاء التفاصيل على الوجوه والمساحات الأرضية terrain (بدا لي تماماً كبرنامج زي برش Z Brush)، وهذا أيضاً تم استخدامه كما هو في لوكاس آرتس.


نأتي بعد ذلك إلى واجهة تحرير تأثيرات الـ post-processing والتي تتضمن أيضاً دعم خاص للجزيئات particles (مبدأ غريب فعلاً). ثم نتوجه إلى وحدة التحريك وإمكانياتها المتقدمة لدمج الحركات بمنطق معين. قامت لوكاس آرتس بإدخال منطق التحريك من اللعبة إلى زينو لجعل المحركين animators يستطيعون رؤية حركاتهم تـُلعَب كما هي بواسطة محرك اللعبة في داخل زينو.


يملك زينو أيضاً وحدة لقط المجسمات الفراغية 3D Capture للقط المجسمات مع إكساءاتها من عدد قليل من الصور العادية فقط! العملية مؤتمتة للغاية والنتائج لا تصدق (بالفعل بدا لي الأمر كالسحر).


حاولت لوكاس آرتس أيضاً الاستفادة من وحدة حسابات الملابس في زينو، إلا أنهم في النهاية تراجعوا عن الفكرة بسبب كون الوحدة مبنية كوحدة حسابية موحدة تعمل على بقية الظواهر الفيزيائية كذلك (وحدة رون فيدكو Ron Fedkiw والتي تعالج السوائل والانفجارات أيضاً)، لذلك اكتفت لوكاس آرتس بالاستفادة من الأفكار فقط.

 

بوااااع! هذا الوجه الـ... لطيف يتم رسمه وتحريكه في محرك اللعبة بشكل فوري
بوااااااااع! هذا الوجه الـ... لطيف يتم رسمه وتحريكه في محرك اللعبة بشكل فوري


بالنسبة لتحريك تعابير الوجوه، فقد قامت ILM بتطوير وحدة في زينو تسمح بإعادة توجيه الحركات الملتقطة من وجه إلى أي وجه آخر (رأينا كمثال وجه ممثل يقوم بتمثيل تعابير وجه ديفي جونز أيضاً). الطريقة التي استفادت فيها لوكاس آرتس من هذه الوحدة هي جعلها في النهاية تقوم بتوليد أشكال مطبوخة baked shape animation وتصديرها إلى المحرك للعبها هناك.


وأخيراً، فإن زينو يحوي عدة كاملة من أدوات الإخراج والتي تستخدم بشكل رئيسي في ILM لعملية المعاينة السريعة ونقل حركة الكاميرا من زينو إلى الكاميرا الحقيقية، والعكس أيضاً. تستفيد لوكاس آرتس من هذه الميزة لتحسين جودة المشاهد البينية في ألعابها.


بعد كل هذا، ختم كريس الحديث بذكر قائمة بمحاسن هذا التعاون ومساوئه. فلنبدأ بالمحاسن:

  • بدأ التعاون في عام 2004.
  • التركيز في البداية على مشروع صغير لترك المجال لأي عقبات قد تواجه الفريق.
  • التعامل بين الشركتين ضمن نظام مخدم/عميل client-based.
  • تعلم كيفية متابعة المشاريع من ILM.
  • تعاون وليس تنافس.
  • الاستفادة من خط إنتاجهم وتدريبهم وتقنياتهم.
  • إعطاءهم فكرة اختبارات الجودة QA لتحقيق جودة تقنياتهم البرمجية.

أما المساوئ:

  • كان هناك سوء تقدير لاختلاف التوجه لكل من الشركتين مما سبب بعض الإرباك.
  • فقدان التركيز عند استلام التقنيات من ILM مما أضاع القدرة على التفريق بين ما هو مخصص للعبة الحالية وما هو معمم لبقية الألعاب.
  • قرارات التعاون لم تكن واضحة تماماً.
  • سوء التنسيق بين مبرمجي الشركتين أثناء تبادل التقنيات.
  • اضطرت لوكاس آرتس لمواجهة نظام ILM المعقد لإدارة مصادر المشروع عندما بدؤوا باستعمال زينو.

وهكذا انتهت المحاضرة الأخيرة لي في هذا المؤتمر. يوجد أربع محاضرات أخرى فقط متبقية بعد هذه (تقام جميعها في الوقت نفسه)، لكنني لست مهتماً جداً بأي منها، كما أنني منهك فعلاً وأحس أن عقلي قد تحول إلى سلة بيض مليئة إن سقط بها أي شيء آخر لحطم كل ما فيها. لذا...

 

نهاية اليوم الثاني

حسناً أريد العودة الآن، لكن السيد روك تركني منذ فترة طويلة وعاد إلى الشركة وحده. طبعاً خيار العودة سيراً على الأقدام في الخارج بهذه الملابس هو ببساطة أحد أنواع الانتحار الفريدة في هذه المدينة، كما أنني لا أود قضاء بقية عمري تائهاً في شبكة ممرات جريندايزر إياها... لا يهم. سأرتجل حلاً. والآن إلى اللقاء.. ماذا؟ تسألون كيف خرجت؟ ولم تهتمون؟

ها أنا أكتب هذه التغطية لكم مما يعني أنني نجوت ونجحت في الخروج. التفاصيل غير مهمة... وقبل أن أترككم الآن (على أمل أن ألقاكم مرة أخرى في تغطية ما)، أود فقط تشجيعكم على طرح أية ملاحظات أو أفكار أو نقاشات أو أسئلة تحبون الحديث عنها في أروقة هذا المنتدى. هناك بعض التفاصيل التي تعمدتُ إغفالها كي لا أطيل المقالة أكثر، لكن للمهتمين، أرجو ألا تترددوا في طرح تساؤلاتكم في هذا المنتدى...

 

إلى اللقاء في هذه السنة أيضاً... نراكم في السنة القادمة


شكراً لمن ناضل معي في القراءة حتى الآن، وأتمنى لكم دوام التوفيق،

وسام البهنسي


الثامن من ديسمبر 2007

-- تمت --

أضف تعليقاً

Loading