وسام البهنسي

مدونة مبرمج معماري

الفجاجة والفظاظة والسماجة

السلام عليكم ورحمة الله،

أعتذر أولاً عن العنوان المزعج، لكنه للأسف موضوعنا اليوم. وأنا عادةً أبذل الكثير من الجهد كي أتفادى ثقل الدم في مواضيعي، خاصة عندما يكون الموضوع لا داعي له أصلاً وليس فيه ما يثير أو مرّ عليه الزمن وانتهى. إذاً أضعف الإيمان هو ألا أطيل الحديث كثيراً اليوم.

البعض قد خمّن حتى الآن عم سنتحدث، بالطبع عن الجزء الثاني من لعبة آخرنا (The Last of Us 2)، والتي ظهرت كمحطّ جدل كبير بين اللاعبين والنقاد، حيث أجمع النقاد بشكل مريب على أنها أفضل ألعاب العام، بينما الكثير من اللاعبين لم يتحملوا حتى الساعة الأولى من اللعبة، مما يعطينا فكرة عن منهج التقييم المُتّبع هذه الأيام. لكن طبعاً هناك ألعاب كثيرة سابقة كانت مصدر جدل هي الأخرى. 

وأنا لا أهدف هنا إلى تسجيل رأي آخر مع كل الآراء التي طُرحت مثلاً عن رداءة القصة والشخصيات التي تدعو للإقياء، فهناك آراء كثيرة سابقة عن هذه اللعبة ولا أظن أنني سأضيف لها شيئاً جديداً.

بلا شك أن اللعبة تم تحميلها رسالة بروباجاندا حتى النخاع، لتُجاري التوجه الإعلامي الحديث الذي يُبرِز رأسه القبيح في كل وقت مناسب وغير مناسب دون أي اعتبار لثقافة أو أخلاق. لكن هناك ألعاب كثيرة سابقة حملت بروباجاندا قوية معها. فلا جديد هنا أيضاً.

طبعاً الرسائل السياسية والاجتماعية لا توضع عبثاً، لا في الألعاب ولا في أية أعمال إعلامية أخرى. فكما نعرف هذه الأفكار تمرّ على عشرة رؤوس على الأقل قبل أن تتحول إلى أوامر تنفيذية، وبالتالي أتمنى أن نتوقف عن اعتبار مثل هذه الرسائل "مسؤولية المُخرج" أو "وُضعت دون قصد" أو "عفوية" الخ من التبريرات الساذجة المماثلة. لكننا تحدثنا عن هذا الموضوع في تدوينات كثيرة سابقة. فلا داعي للتكرار هنا أيضاً...

رأينا صدمة الكثير من عشاق الجزء الأول من اللعبة، وكيف قابلوا الجزء الثاني بكثير من الاستنكار والغضب والرفض، مما يضعف مقولة أن كارهي اللعبة لا يعرفونها، والتي ظهرت في خضم حرب الاتهامات النووية بين المناصرين والمعادين لهذا الجزء من اللعبة. لكن مجتمع اللاعبين تعرض للصدمة في مرات كثيرة سابقة. ليس هناك ما يستحق القلق إذن...

بالحديث عن الصدمة، هي تعتبر واحدة من الأساليب المستخدمة لجعل العقل يتقبل أموراً لم يكن ليرضى بها من قبل. كيف؟ بسيطة... المبدأ قريب من المفاصلة ومقولة "نقسم البيدر بالنصف". فقط ارفع السقف لحد أبعد من هدفك الحقيقي، فيرى الطرف الآخر أن تنازلك عن السقف مكسب له ويرضى بما استهدفته أنت منذ البداية. لكن هذه الطريقة شائعة ونراها أمامنا كل يوم في السوق. الأمر طبيعي ولا يهمنا إذن...

بعض الناس تبسّط الأمور لتبدو لك مكررة وسخيفة وبلا أهمية، لكن من ينظر لها بتمعن يكتشف أن الموضوع جدّي للغاية ويلفت النظر لجوانب وأساليب خطيرة. إن كنت تظن أني من هؤلاء، فأشكرك، وأنصحك بإعادة قراءة هذه التدوينة مرة أخرى.

والسلام عليكم ورحمة الله

أضف تعليقاً

Loading