يوم المصادر المفتوحة للتعليم 2011 21. مايو 2011 سلوان الهلالي تطوير, المجتمع (0) وهو مؤتمر يعد الاول من نوعه في المنطقة هدفه تقديم البرامج الحرة ذات المصادر المفتوحة (Free Open Source Software) كأداة تعليمية فعّالة للطلبة من جميع التخصصات، تم اقامته في يوم 16 مايو/آيار 2011 في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا. بدأت الفكرة في التكوّن منذ سنة تقريباً، كنت اسمع (ولا زلت) اينما توجهت عن صراع طلبة التخصصات المرتبطة بالكومبيوتر مع البرمجة (علوم الحاسب/تقنية المعلومات/هندسة الكومبيوتر) وحالة الضياع البرمجي التي ينبغي عليهم التعايش معها لكي "ننجح فقط". بل اني قابلت اكثر من طالب كره البرمجة من اساسها رغم انها من المفترض ان تكون جوهر تخصصه. والنتيجة؟ مهندس كومبيوتر لا يعرف كيف يستخدم الكومبيوتر، أو عالم حاسبات لا يستطيع تطوير ابسط البرامج بأي لغة برمجة! اذا طرحنا السؤال التالي: ما الذي يدفع الطلبة لكره البرمجة؟ يمكن ان يكون الجواب احياناً ببساطة ان من تٌسند اليه مهمة تدريس البرمجة لا يتقن البرمجة هو نفسه! وهذه مشكلة من الصعب حلها، لكن إن استطعنا تشجيع الطلبة اليوم على استكشاف مجالهم بشكل اعمق واكثر حرية، سوف نضمن ان يكون من يقوموا بتدريس البرمجة غداً افضل من اليوم.. المشكلة الرئيسية هي عدم وجود اي تداخل بين مجتمع البرمجة العملية العالمي من جهة، وما يتعلمه الطالب من جهة اخرى من حلول مغلقة المصدر، ذات بنية وتقنيات عفى عنها الزمن، محدودة، ومكلفة له وللمؤسسة التعليمية. والأسوأ من ذلك أن بعض الحلول التي يتم تدريسها مصممة لكي تبعد الطالب عن الأسس وتخلق اعتمادية تضمن ان لا يفهم الطالب اي حلول اخرى بسهولة. لن اتحدث هنا عن المؤسسات التعليمية التي لا زالت تقدّم باسكال وفورتران بطريقة الـ Flow Chart لطلابها، وضع هؤلاء ميؤوس منه... ولكن ساتحدث عن المؤسسات التي تعتبر اكثر تطوراً.. لنأخذ مثالاً ركزت عليه في المؤتمر، لاحظت ان المترجم المستخدم لتعليم لغة ++C هو ++Borland C الذي يبدو ان هنالك اتفاقية لا نعلم عنها قد تندرج تحت بند نظرية المؤامرة بين معظم الجامعات التي دخلتها على استخدامه، منذ التسعينات وحتى اليوم! لكي نفهم لماذا ++Borland C سيء، لنقارنه بالمترجم الاكثر استخداماً في عالم الكومبيوتر اليوم، GCC (والذي هو حر مفتوح المصدر ومجّاني تماماً للطالب والجامعة والمحترف): Borland C++ GCC ليس هنالك دعم على الاطلاق مدعوم بالكامل وفي تطوّر مستمر مجتمع متواضع يضم عدد ضئيل من المحترفين مجتمع هائل يضم عدد كبير من المحترفين والمؤسسات يدعم عدد قليل من المزايا المتقدمة المحددة بالمعايير القياسية دعم تام لجميع المزايا المحددة بالمعايير القياسية ليس هنالك دعم لمزايا سي++ الجديدة دعم كامل معايير C++0x! مغلق المصدر وتجاري وقد توقفت بورلاند عن بيعه منذ زمن! مفتوح المصدر ومجاني لكافة الاستخدامات لماذا تتمسك الجامعات ببورلاند؟ مساهمتي في المؤتمر كانت عرضاً بعنوان: Open Source for Education حاولت من خلاله تغطية النقاط التالية قدر الامكان مع اعطاء امثلة عملية اينما استطعت: قيمة البرمجيات مفتوحة المصدر للتعليم لا وجود لرخص الاستخدام التجارية المحدودة! لا نحصل فقط على البرمجيات ولكن ايضاً الشفرة المصدرية الكاملة مع رخصة تتيح حرية التعديل والتطوير على البرمجيات بأي شكل أو طريقة نختارها برمجيات لا تكلف شيئاً على الاطلاق (مجانية!) ويمكنها العمل على اضعف انواع العتاد اقرب للآلة من ما يتيح فهماً عملياً اعمق للطلبة، ويعطي القدرة على العمل على أي حلول تجارية اخرى في نفس المجال بسهولة الفائدة الكبيرة للمكتبات مفتوحة المصدر في تطوير البرامج باختلافها (امثلة Qt، Ogre3D, و zlib) كيف يبدو مجتمع المصادر المفتوحة ومن يقوم بتطوير كل هذه الحلول؟ مقارنة مفصّلة واستعراض لكيفية الاستفادة من مترجم GCC قيمة لغة البرمجة بايثون كأداة للتعليم الاستفادة من نظام تشغيل لينوكس للتعليم وشارك خالد احمد بمساهمته بعنوان: Open Source for Work والتي ركّز من خلالها على كيفية الاعتماد على المصادر المفتوحة في العمل، واعطى مثالاً مفصلاً عن كيفية انشاء موقع خدمات متكامل باستخدام Wordpress وحلول برمجة الويب مفتوحة المصدر. في حين قدم حسام بيبرز عرضاً مفصلاً وممتعاً حول نظام تشغيل لينوكس: Introducing Linux for IT قدّم خلاله معلومات جديرة بالاهتمام حول كيفية عمل نظام التشغيل من الداخل ومقارنة معمقة بين لينوكس ووندوز. شاركني في التنظيم وتقديم ورعاية المؤتمر اعضاء من المجتمع الرائع للينوكس والمصادر المفتوحة في مصر، اود ان اشكر كل من: الاستاذ فياض احمد من قسم تكنولوجيا المعلومات في جامعة مصر على مشاركته في التخطيط والتنظيم ومساعدته الثمينة، حيث تولى التعامل مع الجامعة وحجز قاعات المؤتمر والكثير من المهام الاخرى راعيا المؤتمر، شركتي: Spirula Systems و Linatrix Systems المتخصصتين بالحلول مفتوحة المصدر، وأخص بالشكر كل من أحمد مكاوي وعلي عبدو مجتمع Ubuntu-eg ومساهمتهم الفعّالة في المؤتمر بجميع عناصره إسلام وزيري من مجتمع Ubuntu-eg الذي تولى مهمة تصميم ملصقات المؤتمر باحجامها وكذلك بطاقات التعريف الصديق العزيز معاذ مختار الذي ساعد المؤتمر بشكل كبير وساهم في اعداد العرض الذي قمت بتقديمه الاستاذة مروة معتوق من قسم الهندسة الطبية في جامعة مصر التي عرضت مساعدتها منذ البداية نهاية يوم ممتع في المرة القادمة إن شاء الله، يوم المصادر المفتوحة سيكون اكبر واوسع نطاقاً! يمكنك تحميل مجموعة من صور المؤتمر من هنا: OSED2011_photos.rar (2.24 mb)
عندما كانت لنا ثقافة... 17. ديسمبر 2010 سلوان الهلالي المجتمع (1) في جولة حول مقاطع الفيديو القديمة في يوتيوب، اخذتني الرياح نحو مقاطع الفيديو الخاصة ببرامج الأطفال القديمة، والتي كنت اتفرج عليها في طفولتي، وقد لفت نظري أن في ذلك الزمن كان هنالك إعتزاز باللغة العربية، باللفظ، بالثقافة العربية بشكل عام، وانعكس ذلك في معظم برامج الأطفال في ذلك الزمن، لم تكن عشوائية او سطحية كما هي اليوم... وانا جالس اتفرج على اخي الصغير وهو يشاهد الكارتون المفضّل لديه على ام بي سي 3، وهو Ben 10، لم استطع مقاومة عقد مقارنة بين الماضي والحاضر في برامج الأطفال. لنرى مثلاً أغنية الشارة لكرتون Ben 10: في Ben 10، لا يبدو ان المهم هو ما تقوله كلمات الاغنية! ولكن فقط مدى تشابه اللحن للكرتون الانجليزي الاصلي، كلمات الاغنية ليست إلا حشو لا معنى له ولا هدف... ولنقارنها بأغنية الشارة لكرتون حكايات عالمية (احد كرتوناتي المفضلة عندما كنت صغيراً): ما اجمل الكلمات وما أعذب اللحن، رغم البساطة الشديدة في الإمكانات التقنية والتقديم.. ولكن فريق العمل قد أخلص فعلاً في عمله. "من كل بلاد الدنيا... من كل بقاع الأرض... قصص شتى... تروى حتى... نعرف أحوال الانسان... والكل هنا جيران" اما عن اللغة نفسها، فقد كانت تحتل مكانة مميزة بين برامج الأطفال، مثلاً شاهد هذين المقطعين من برنامج المناهل الرائع: من الملفت للنظر طريقة التمثيل الممتازة لطاقم الممثلين بأكمله! وكذلك مراعاة اللفظ العربي الصحيح دائماً. ومن الذكاء فعلاً إضافة روح الفكاهة للبرنامج، حيث أن كل معلومة يقدمها البرنامج يتبعها بموقف طريف او مضحك. لماذا لا تنتج برامج من هذا النوع وبهذه الجودة المدروسة هذه الايام؟ تبدو قنواتنا فارغة تماماً بالمقارنة.... كان التركيز على اللغة العربية جميل فعلاً، في كل شيء، كنت أجد كتباً عن الفضاء والعلوم باللغة العربية بسهولة، وهي ليست كتب مترجمة بشكل حرفي على الإطلاق، حاول ان تبحث عن قصة او كتاب عربي حول الفضاء موجهه لليافعين اليوم، لن تجد اي شيء في اي مكان. في ذلك الزمن كنت اذهب لمتحف العالم الطبيعي في البصرة، حيث أجد عدداً كبيراً من المجسمات والحيوانات المحنطة معروضة مع معلومات مفصلة عن كل شيء، كان يعجبني مجسّم الحوت فعلاً! وبعد ذلك اتوجه للمكتبة الكبيرة الملحقة بالمتحف والتي تجد فيها كل ما تريد من الكتب العلمية والثقافية.. ولا اتذكر اني لاحظت أي كتب بلغة غير العربية. وكمثال عن القصص/الكتب التي كنت احب قراءتها، كانت هنالك سلسلة رائعة من القصص تسمى: الموسوعة العلمية المصورة، وهي تدور حول بطل خارق اسمه المنصور 10 ومغامراته، كان الجزء الاول من السلسلة يحمل عنوان: الكون.. اثناء كل قصة يتعمد المؤلف إضافة مصطلحات وأفكار علمية متقدمة، وفي نهاية كل قصة هنالك ملحق يتكلم ويشرح كل من تلك المصطلحات او الأفكار بتفصيل رائع، مثلاً في القصة الرابعة، يتم مناقشة هذه الأفكار في الملحق: كما ترى الافكار التي تم شرحها لا تعتبر بسيطة ابداً.... وهذا مثال لطريقة الشرح من نفس القصة: هل لاحظت دقة وجودة الترجمة؟ وهذا علم الفلك وليس بالموضوع الهين، اصعب من البرمجة وبرمجة الالعاب مجتمعين من ناحية الترجمة.. وهل تلاحظ كيفية تجنب طباعة كلمة إنجليزية واحدة؟ ولا حتى واحدة، ومع ذلك تم ايصال الفكرة بالكامل. تصوّر لو إن مطبوعات بهذه الجودة وبهذا المستوى من المعلومات العلمية قد حلت محل "كتب" رسائل الموبايل وقراءة الكف ونظريات المؤامرة، كيف سيكون جيل الشباب الذي ينبثق من هكذا مجتمع؟ اعتقد اننا وصلنا لمرحلة رائعة من التقدّم الثقافي في نقطة ما خلال الثمانينيات وبداية التسعينيات ولم يكن التقدم معتمداً على اللغة الانجليزية ولكن على العربية الصحيحة.... ... لسبب ما انهار كل شيء قبل أن نصل لمرحلة التغيير الاجتماعي الجذري، وعدنا للصفر (أو أقل من ذلك). لا احب ان اختم سلبياً، لذلك فالبحث عن كيفية قدح شرارة الثقافة الحقيقية بين يافعي العرب، لا شك أنه الحل. يجب ان نحاول نحن قدر الإمكان كمطوّرين عرب على الأقل، المساهمة بشكل فعّال في عملية نشر البرمجة وعلوم الكومبيوتر بين الشبان العرب وبلغة عربية صحيحة.