وسام البهنسي

مدونة مبرمج معماري

المهنة: الإعلام

السلام عليكم،

انتهى مؤتمر E3 العتيد، وبالنسبة لي فإن أبرز الأحداث التي أستطيع أن أفخر بها هو رؤية لعبة عربية تعرض في هذا الحدث الضخم. وتهانيّ للعبة البادية وفريق سيمافور على هذه الخطوة.

للأسف اقترن عرض اللعبة مع سيل من التعليقات الذي انكبّ من قبل المشاهدين الغربيين الذين أخذوا بالسخرية من اللعبة ونعتها بالجهادية و"الله أكبر" وما إلى ذلك من عبارات امتلأت بها رؤوسهم من إعلامهم الغني عن التعريف. لذلك لا غرابة من ذلك، ويجدر بالذكر أن المقدّمين جاهدوا لإزالة كل التعليقات العنصرية لكنها كانت أسرع منهم.

لكن محطّ اهتمامي اليوم هو تغطية أحد المواقع العربية (لن أذكر الاسم) لهذا الحدث. المقالة عادية بشكل عام، لكنها تضمنت وجهة نظر وأقتبسها كما وردت:

من وجهة نظري أن إعلان لعبة بمثل طابع البادية في مكان مثل E3 مخصص للغرب هو أمر خاطئ للأسباب التالية:

  1. في الوقت الحالي مع وجود الإنتخابات الأمريكية التي تستعطف مشاعر الشعب الأمريكي (والعالمي بطريقة غير مباشرة) عن طريق سب العرب و الإسلام۔
  2. توتر العلاقات السياسية العربية بشكل عام مع تحالفاته الغربية۔
  3. التفجيرات المستمرة في أوروبا و أمريكا بشكل عام المسؤول عنها عرب، أجد أن وجود لعبة عربية في عقر دار الغرب أمر غير مناسب بتاتاً۔

وجهة نظر غير واعية تجعل همّها أن لا يزعل أو يتحسس الغرب منا، فمشاعرهم مرهفة وحساسة جداً كما تعلمون ولم يرزقهم الله بجلد التمساح الذي يكسونا نحن العرب. وتطالبنا كمطورين عرب بالصمت وتعطيل نشر ألعابنا العربية في البلد كلما اقترب الوقت لتقرير الرئيس القادم أو أن تتحسن العلاقات بين القطبين. وأخيرا والأسوأ هو القناعة المُـضـَـلَّلة بأن العرب مسؤولين عن أغلب التفجيرات في أوروبا وأمريكا، ولا أعلم ما المعايير التي أوصلت لهذه القناعة (هل هي فقط أحداث 11 سبتمبر والذي يعتبر محطّ شبهة من الأمريكيين أنفسهم قبل العرب؟ أم هو انطباع متولد من شدة تركيز الإعلام الموجه على أي تفجير ينسب لمسلم؟).

لكن كل ما سبق ليس مشكلة، فلن يكون صاحب وجهة النظر هذه هو الأول ولن يكون الأخير. لا مشكلة طالما أنها مطروحة كرأي فردي... لكن...

الطرح وإن كان ينسب كوجهة نظر شخصية فإن نشره من خلال مؤسسة إعلامية يعني أن هذه المؤسسة توافق على أن يقرأ هذا الطرح كافة قرائها ومتابعيها.

نحن نعمل في الإعلام.. أخطر وأكثر المهن حساسية في هذا العصر! عندما أضع أفكاري بلعبة تصل للملايين فأنا أساهم في تشكيل وعيهم وأفكارهم، وكذلك الحال عندما أكتب لهم مقالاً. هل أرمي أفكاراً عشوائية أو غير محسوبة في مثل هذه الأعمال؟ هذا نقيض ما يحدث في هذه الصناعة، فكل ثانية وكل كلمة لها كلفة وتحسب وتراجع على العديد من الرؤوس قبل أن يصادَق عليها وتظهر للعموم.

لكل مؤسسة إعلامية رسالة تنحدر منها الضوابط والتوجيهات التي يتبعها العاملون فيها لإنتاج أعمالهم. هل رسالة المؤسسة ناشرة المقال هي تثبيت فكرة أن العرب إرهابيين؟ هذه رسالة مؤسسة مثل فوكس نيوز، وأستبعدها عن موقع تغطية ألعاب عربي، والذي أتوقع أن تحوي رسالته أهدافاً مثل بناء الثقة بالنفس في المجتمع العربي عن طريق تقديم محتوى عربي أصيل يحرر القارئ من الحاجة لمطالعة المصادر الغربية.

إذا كان هذا هدفاً فلا أجد مكاناً لنشر وجهة نظر سلبية تزيد القراء غماً والشعور بالذلّ والمسؤولية عن أمور ليس لهم ذنب فيها.

وبالمقابل أتوقع حفاوة كبيرة لحدث بأهمية لعبة عربية تشق طريقها للظهور بشجاعة في أكبر مؤتمر ألعاب في العالم. حفاوة أتوقعها من الإعلام العربي بأضعاف ما أتوقعه من الإعلام الغربي. هذا إذا كنا فعلاً نهدف لزرع الثقة في نفوس لاعبينا وقرائنا بأن هناك من يسعى جاهداً ليبني ألعاباً عربية تغني مكتباتنا.

آمل أن تجد كلماتي هذه آذانا صاغية، ولمن لم يجدوا غضاضة في وجهة النظر آنفة الذكر، أدعوكم لقراءة هذه التدوينة، والسلام عليكم ورحمة الله.

أضف تعليقاً

Loading