الكلمات الضائعة

مدونة بقلم أسامة السلمان

رحلة في أعماق الإنتاجية : الإنتاجية وخلافة الأرض

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أما بعد :


أتمنى أن تكونوا في أحسن حال قرائي الكرام. اليوم سأبدأ بهذه التدوينة سلسلة تدوينات جديدة تتحدث عن الإنتاجية وكيفية تضمينها ضمن حياتنا اليومية وجعلها أسلوب حياة وعادة سرعان ما نرتبط بها وتصبح تلقائية بالنسبة لنا.

قبل أن نبدأ في هذه السلسلة أحب أن أنوه لكم إخوتي الكرام أني قضيت وقتًا لا بأس به في قراءة العشرات من المقالات والكتب والدراسات ومشاهدة الأفلام الوثائقية حول الإنتاجية وقضيت مدة تزيد عن السنتين في البحث فيها.

وكان سبب بحثي عن الإنتاجية هو أني إنسان أحب أن أنجز وأفعل الكثير. أرى شخصًا مبدعًا في الرسم فأحاول أن أصبح مثله وأرى عبقريًا اخترع هذا وذاك فأحب أن أصنع مثله وأرى قارئًا نهمًا فأحب أن آكل الكتب مثله وغيرها الكثير من الأشياء التي أنوي القيام بها إن شاء الله. والحياة فيها الكثير من الخبرات والأمور التي يمكن أن تنجزها مهما كان وضعك أو حالتك أو بيئتك. أذكر مرة قصة لمتسلق جبال يعشق تسلق الجبال، فجاء مرة ووقع وانكسرت رجله وأصبح مقعدًا ليس بإمكانه التسلق وحدث له حادث بعدها بأن احترق وجهه. قاموا مرة بإجراء لقاء معه وسألوه : لماذا مازلنا نرى على وجهك ابتسامة بعد أن حصل لك كل هذا ولم تعد قادرًا على التسلق؟ فأجاب : لقد كان باستطاعتي قبل الحادثة فعل 10000 شيء والآن أستطيع فعل 9000 شيء فلم الحزن؟! (أناس مثل هؤلاء لايعرفون اليأس!) فكل مايتطلب منك هو شغف حقيقي اتجاه تلك الأمور، وطبيعتي كطالب جامعي وأحد مؤسسي فريق Team Thawra وكوني محبًا للقراءة والكتابة وفضولي نحو تعلم أشياء جديدة دومًا يضعني في مواقف حرجة كثيرًا مع الوقت حتى أنني أصبحت أكره كوننا نحن البشر يتوجب علينا النوم وتمنيت أننا لا ننام حتى لا يضيع ثلث عمرنا نومًا!! فكتبت مرةً :

 

أيا سلطانًا بغيت في الأرض وأٌثرت أصل الفــــــــــســـــــــــاد

حرمتنا عبادة الله وكنت لنا سببًا في تحصيل الكســـــــــــــاد

جعلتنا نعض الأصابع ندمًا حين يطغى جاهك في البـــــــــلاد

سلطان النوم دمت لك معاديًا إلى يوم يفصل فيه بين العبـــاد

وأقمت نفسي العليا لك صارمة موقظة للفـــــــــــــــــــــــؤاد

هيهات أن تنال مني ثانية فالقلب قد أيقن يوم المعــــــــــــاد

 

وقبل كل شيء، أهدي مجموعة التدوينات هذه إلى صديقي علي الفقيه كونه مقبل على الحياة الجامعية قريبًا وكونه سيبدأ بعد أيام قليلة رحلته نحو هدفه : ألا وهو أن يصبح علّامة زمانه وكان قد سألني بأن أنصحه فما كانت أفكاري حينها مرتبة لذا أهدي له هذه السلسلة أسأل الله أن ينفعه بها وسائر المسلمين وأن تكون له زادًا يتزود بها في طريقه نحو هدفه. عندما تذكر كلمة الإنتاجية تأتي الدول الإسلامية في مؤخرة الركب فترانا أقل الناس قراءة وكتابة للكتب وترانا أقل الناس ترجمة وأقل الناس اختراعات واكتشافات. ألم يخطر ببالكم لماذا نحن كذلك؟ لماذا نحن أقل الناس قراءة ونحن الذين أنزل علينا كتاب اقرأ؟! أسألة كثيرة يتعجب منها الشخص! الجواب هو أننا قليلوا الإنتاجية. نعم فعندما تأتي إلى الموظف عندنا يكون دوامه مثلًا خمسة ساعات وتجده يعمل فعليًا ساعة واحدة والباقي يقضيه في الدردشة مع أصدقائه على الفيس بوك! أمتنا بحاجة أن ترجع إلى ماكانت عليه أمة منتجة لكي ترجع في الصدارة كما كانت. في أمتنا الإسلامية خير منهاج وخير طريق ولكن السائرون على هذا المنهاج قليل. تسأل المسلمين اليوم : لماذا خلقت فيجاوبك لعبادة الله وحده وينسون الجزء الآخر من الجواب :
(إني جاعل في الأرض خليفة)
نعم نحن خلقنا لشيء آخر مع عبادة الله ألا وهو خلافة الأرض وهذه لا تأتي من الفراغ بل تأتي بتحولنا إلى أمة منتجة أمة تسعى نحو التفوق في كل المجالات وما إن يتحقق لنا هذا إلا وينصر الإسلام بنا!
هناك مقولة جميلة للدكتور أحمد ديدات رحمه الله :
(الإسلام بك أو بدونك سينتصر)
معنى هذا أخي القارئ أن عودة الإسلام إلى ماكان عليه أمر قاطع لا بد منه ولكن كونك أنت جزء من عودته هو خيارك أنت. كنت دومًا أتمنى أن لو ولدت في زمن الأندلس أو أي زمن كان فيه للإسلام راية لكنني أدركت أن الزمن الذي خلقت فيه الآن هو من أكبر الفرص لي ولكل المسلمين في عمل أعمال تغير مجرى التاريخ. لذا أوقف النحيب أخي القارئ وقرر أن تصنع تغييرًا فأنت في أفضل زمن لصنع تغيير.

عندما بدأت في القراءة حول الإنتاجية تخيلت الإنسان المنتج رجلًا آلي دائمًا مشغوول ودائمًا مايقضي وقته في العمل وكون هذه الصورة الخاطئة غير منطقية كانت سببًا لي في كره الإنتاجية والاعتقاد بأنها أحد الكرامات التي يرزق بها الله عباده الصالحين، وأنا أعلم أن منكم الكثير من مازال يعتقد ذلك. يعتقد أن الإنسان المنتج هو الإنسان الذي لا يجد لفسه راحة بل العكس صحيح الإنسان المنتج هو من وفى حق نفسه أولًا ثم باشر الأمور الأخرى في الحياة. ولي إن شاء الله عودة حول الخرافات الأخرى التي يعتقدها الناس (وكنت أعتقدها) حول الإنتاجية في تدوينة أخرى إن شاء الله.
دعنا الآن أخي القارئ نعرف الإنتاجية :
عندما تبحث في الشبكة العنكبوتية عن تعريف لمصطلح الإنتاجية تجده مرتبط كثيرًا بالإقتصاد والصادرات والواردات وهذا ماليس نحن بصدده إنما نحن بصدد :
الإنتاج على مستوى الفرد وألا هو تعدد الإنجازات لدى الفرد المسلم في شتى مجالات حياته اتجاه تحقيق معنى الخلافة في الأرض.
ستجدني أخي القارئ في هذه التدوينة أتحدث أكثر عن الناحية الروحانية وعلاقة الإنتاجية بالإسلام وذلك كون هذا الموضوع مهم جدًا كرؤية وفكر تستمر معك في رحلتك اتجاه الإنتاجية. فمتى ما كان عملنا وانتاجيتنا عبادة لله وفقنا في أمرنا كله.

هذه التدوينة كانت مجرد مقدمة للسلسلة وأوعدكم بأن التدوينات القادمة ستكون أدسم ومليئة بما تحبون من المعلومات.
وفي ختام كل تدوينة سأطلب منكم قرائي شيئًا بسيطًا كواجب لكم وواجبنا لهذا اليوم بأن تجاوبوا على هذا السؤال في التعليقات :


لماذا تريد أن تكون إنسانًا منتجًا؟


شاركوا أيضًا في التعليقات آراءكم و أخبروني أيضًا عن المواضيع التي تريدونني أن أتكلم عنها.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التعليقات (4) -

  • العلّامة

    31/07/2013 11:00:41 م | الرد

    السؤال: لماذا أريد أن أكون إنسانًا منتجًا؟
    الجواب: لدي حلمٌ كبير، هدفٌ عظيم، والعمر قصير. أريد أن أستغل كل ثانية من حياتي وألا أضيع أي ثانية من حياتي وذلك في سبيل الوصول إلى ما أصبو إليه. قصص الأولين أمثال ( الإمام إبن الجوزي، والأديب الجاحظ ، والأئمة الأربعة) تشعل نار غيرتي دائماً ولا أريد أن أكون أقل منهم في الإنتاجية في حياتي وإلا قد لا أستطيع الوصول إلى ما أطمح.

  • osalman

    31/07/2013 11:18:31 م | الرد

    حياك الله أخي علي.
    اعلم أن هدفك بدون نية محال الوصول فلايمكن للإنسان أن يقضي كل ثانية في عمره من أجل هدفه. فلنفسك عليك حقًا ولعائلتك حق ولكن إذا نويت بأن تكون هذه الأشياء كلها من أجل الله أو تتقوى بها في سبيل الله فقد نلت مطلبك.

  • abuzreq

    31/07/2013 11:37:07 م | الرد

    لماذا أريد أن أكون إنسانًا منتجًا؟
    لاعيش حياتي بكافة امكانياتها و فرصها , لاكون قادرا على تحقيق طموحاتي و الانجاز على جميع المستويات .
    و لاننا  محاسبون على اوقاتنا فلا احب ان يضيع وقتي في ما لا ينفعني باي وجه
    و لان عمرنا قصير فاتمنى ان يبارك الله لي فيه

  • osalman

    01/08/2013 06:40:22 م | الرد

    جميل جدًا أخي أبازريق،
    أرجو من الله أن تحقق هدفك وتكون هذه السلسلة عونًا لك في ذلك.

أضف تعليقاً

Loading